لوحظ في السنوات العشرين الأخيرة, ارتفاع خطير في عدد الأطفال المصابين بالبدانة, حتي بدأ الحديث عنها على أنها نوع من أنواع الوباء... ففي فرنسا هناك طفل بين كل عشرة أطفال مصاب بالبدانة, وفي أمريكا طفل أو أكثر من خمسة أطفال!!
وتؤكد التقارير الطبية أن الوزن الزائد يضر بصحة البالغين ولكن بالنسبة للطفل فان مشكلة الوزن الزائد تتحول الى أزمة نفسية فهو يعاني نظرة الآخرين اليه مثل أصدقائه في المدرسة الذين قد يسخرون من هيئته وقد يبعدونه عن المشاركة في لعبهم, فيصبح الطفل البدين أما عدائيا أو حزينا أو غير مبال بأي شيء, وبطبيعة الحال يؤثر ذلك على نتائجه المدرسية, حيث أن كثرة المتاعب مع رفاقه تمنعه من التركيز في واجباته المدرسية, كما أن النشاط الرياضي يصبح أمرا متعبا له ولا يعطيه أي متعة وقد يفضل ملازمة المنزل معظم الوقت مما يجعل مشكلة الوزن تتزايد, والأخطر من ذلك تعرضه في المستقبل لخطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بعد عشرين أو ثلاثين سنة!!
ويجيب د. محمد هاني كمال زكي الأستاذ بطب القاهرة واستشاري التخسيس ,عن هذا السؤال الدائم.... ما هو سر البدانة؟؟ خاصة بين الأطفال....
* يقول إن الطفل البدين يعاني خللا وراثيا أو خللا في السلوك الغذائي أو في طريقة استهلاك الطاقة....
* فللوراثة دور في البدانة بعد أن أثبتت الدراسات انه إذا كان أحد الوالدين بدينا, فالطفل يصبح بدينا بنسبة40% في سن البلوغ وإذا كان الوالدان بدينين, فاحتمال أن يصبح الطفل بدينا, يرتفع إلى نسبة80%!!
* كذلك يتأثر السلوك الغذائي في سن مبكرة بالآخرين, لذلك يجب أن يوجه الأهل طفلهم إلي ما يجب أن يتذوقه فإذا لم تقدم الأم على مائدتها الفواكه والخضراوات, فاحتمال أن يحب الولد الفواكه والخضراوات مستحيل!! ويعمد بعض الأهالي إلى ترك الأطفال يختارون ما يريدون تناوله من طعام تجنبا لأي صدام معهم ويؤدي ذلك إلي تقوية ميل الأولاد الطبيعي إلي تناول الأطعمة التي تولد الكثير من السعرات الحرارية مثل البيتزا والبطاطس المحمرة التي سبق أن تأكد ضررها!!
* كذلك وكما يقول د. محمد هاني, يجب ألا ننسي تأثير المجتمع, فان كثرة المواد الغذائية المعروضة في الأسواق تحث الطفل وتشجعه على أكل كميات تفوق احتياجه, كذلك تنوع نكهات واشكال وطرق توضيب المأكولات تغري الطفل بتناول الطعام بكثرة وعلى الرغم من أن هذه المأكولات تولد سعرات حرارية كثيرة إلا أنها لا تمنح أبدا الشعور بالشبع!!
ويؤكد أن الطفل البدين في عصرنا هذا هو فعلا مظلوم!! فمنذ سنوات عدة حدث تراجع في معدل حرق السعرات الحرارية لأسباب كثيرة منها كثرة الرفاهية... سيارات, مصاعد كهربائية, وقلة الحركة, حيث أن الأطفال يمضون وقتا طويلا أمام شاشات التلفزيون والكمبيوتر وألعاب الفيديو وهم يفضلون هذه التسلية على النشاط الرياضي...
ويضيف... انه يبقى لإنقاذ الطفل البدين من مصيره المحتوم, أن تلعب العائلة دورا مهما في علاج الظلم الوراثى الذي لحق بطفلهم ولا ذنب له فيه.. وهذه هي نصيحتي للأسرة... فإذا ذهبتم للتسوق, اكتفوا بالقليل من الأطعمة التي تزيد الوزن لاسعاد الطفل بها من وقت لآخر...
وامتنعوا عن إيجاد هذه الأطعمة بالمنزل فتصبح متاحة أمام الطفل البدين فهو لن يقدر علي المقاومة وعلموه سلوكا جديدا لإسعاده بان تشتروا له الكتب أو الألعاب عوضا عن الحلوي والشوكولاته, كذلك يجب على الأسرة تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة المناسبة له حتى لو كانت السير لمسافات طويلة لحرق السعرات الحرارية الزائدة داخله
..
.الوجبات السريعة تقتل أطفالنا
أصبحت السمنة من العوامل الأولى المفضية للموت في العالم هي الآن قاتل أكبر من المجاعة. المشكلة بالغة الخطورة. خاصة بين الأطفال الذين يصابون بالسكر في سن المراهقة ويموتون قبل الأوان .
للمرة الأولي في التاريخ الإنساني تتحول الولائم وأطايب الطعام إلى خطر يتجاوز خطر المجاعة كقاتل عالمي طبقا لدراسة أعدها معهد "ورلدووتشي" في لندن فان عدد البدناء والمصابين بالبدانة فاق المليار نسمة أي أكبر من عدد المصابين بالنحافة وذكر تقرير صادر عن معهد أمريكي أن البدانة تكلف الولايات المتحدة 90 مليار دولار سنويا في صورة مصاريف طبية أي ما يزيد علي تكاليف التدخين.. والسمنة تشبه التدخين في أنها تزيد مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية والأزمات القلبية والسرطان.
أما الأمر الأكثر إثارة للقلق فهو زيادة البدانة بين الأطفال ففي بريطانيا هناك طفل واحد من بين كل خمسة أطفال يعاني من البدانة ويوجد طفل واحد من بين كل 25 مريضا بسبب البدانة وإجمالا هناك 300 ألف طفل دون السادسة عشرة داخل المملكة المتحدة مصابون بالبدانة.. هذا الرقم تضاعف في العقدين الأخيرين تقول جين واردل أستاذة علم النفس الإكلينيكي بجامعة لندن منذ 30 عاما فقط كانت البدانة شيئا نادرا بين الأطفال لم نكن نسمع عن البدانة المفرطة والزائدة إنني اعتقد بوجود شيء ما غريب لدى هؤلاء الأطفال واعتقد انهم يعانون من حساسية في علاقتهم بالأطعمة أو أجهزة تخزين الدهون.. ويعرف جين الطفل البدين بأنه الذي يزيد بنسبة 50 أو 100 بالمائة عن وزنه الطبيعي..وتضيف جين قائلة إن الناس يعرفون أن البدانة مرتبطة بأمراض القلب والسكتة الدماغية لكنه خلال الآونة الأخيرة تكشفت لدينا نتائج مذهلة تربط بين السمنة والإصابة بالسرطان.
كارثة صحية
يقول البروفيسور فيليب جيمس رئيس المركز الدولي للبدانة إن الجيل الصاعد من الأطفال زائدي الوزن يمثل كارثة صحية ويوجه جيمس انتقادات شديدة لشركات الأغذية "غير المدققة" ويطالبها بان تأخذ مشكلة البدانة في اعتبارها ويشعر جيمس بالقلق البالغ إزاء ما يصف بالقفزة الهائلة في مرضي السكر وانتشاره بين الشباب.
الحل
الحل الجذري لمشكلة بدانة الأطفال في رأي هؤلاء الخبراء يكمن فيما يصفونه بتعديل وتغيير البيئة التي نعيش فيها أو إعادة عقارب الساعة إلي الوراء لعشرات السنين فيما يتعلق بالغذاء فاليوم يتم أعداد أغذية غنية بالطاقة والدهون للأطفال.. والبدانة تحدث عند الأطفال بسبب هذه الدهون أو لأهم يكتسبون طاقة أكثر مما ينفقون ويتفق الخبراء علي إن الأطفال يتناولون الأغذية الغنية بالطاقة مثل الكيك والحلويات والمشروبات الغازية ويستهلكون الكثير من الأغذية خارج المنزل وهي اقل صحية من تلك "المعدة داخل المنزل".