وبالتالي عندما نعود إلى التاريخ ونقارن بين ظروف الملوك عن طريق أثارهم كي نتأكد من المسافة بينهما ، فالمعروف أن سيدنا يوسف كانت رؤياه كما ذكرت في القرآن (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا في سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعلى أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة يوسف الآية (46).
وبعد تصديق الملك لفتوى سيدنا يوسف، قال تعالى (وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) فقد جعل الملك سيدنا يوسف على خزائن الأرض .قال تعالى (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفيظٌ عليمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ في الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ).
أي أن الملك في هذا الزمان آمن بـيوسف ورب يوسف، ووحد الله فجعل سيدنا يوسف بمثابة وزير اقتصاد في هذا الزمان والآثار والتاريخ يشهدان على ذلك ويؤكدانه، فإذا رجعنا إلى آثار وتاريخ مصر وبحثنا عن دلائل التوحيد سنجد ملك مصر الذي أطلقوا عليه (أمنحتب الرابع) هو إخناتون الذي هو (رجا دربن) طبقا لترجمة طارق عبد المعطي. و رجا دربن تولى الحكم شريكا لأبيه ولكن منذ أن أصبح له شئ في الأمر بدأ يفكر في الدعوة إلى عبادة التوحيد متمثلة في الشمس كما رآها العلماء ولكن حقيقة الأمر هي ما وراء الشمس وهو الله، ونجد أنه في السنة الرابعة من حكمه قد ترك مدينة طيبة العاصمة الرسمية للدولة المصرية القديمة وأسس مدينته المشهورة في تل العمارنة بالمنيا ونجده أيضاً اهتم في بناء مدينته الجديدة بإنشاء ما يطلقون عليها الصومعة أي مخازن الغلال و قد اتجه لعبادته الجديدة وعلى هذا نجد سوماته على الجدران قبل عبادة الله بصورة مختلفة عما كانت عليه بعد ذلك فقد كان يظهر قوياً شامخاً متكبراً وبعد عبادته الله تواضع تواضعاً شديداً وظهرت رسوماته ونقوشه التي كانت لا تبالغ في وصفه فظهر من خلالها مترهل الجسد. الملك رجا دربن المشهور بإخناتون نجد نقشاً له في المتحف القومي بالقاهرة على حجر جيري حيث تركع أمامه بعض الوفود الأجنبية دليلا على وفرة الخيرات في عهده وتحكمه في مقاليد أمور عديدة. وهذا تصديق للرؤيا ولذلك لقب رجا دربن في القرآن الكريم في سورة يوسف بـالملك لأنه آمن بالله بعد إيمانه بدعوة سيدنا يوسف ورفع اسم الله في الأرض فكان له التقدير .أما فرعون فطغى واستكبر فجاء اسمه صريحاً فرعون كما بيناه. وهذا دليل قوى على أن إخناتون (رجا دربن) هو ملك مصر في فترة سيدنا يوسف وبعد موته تولى ملك آخر لمدة ثلاث سنوات .ثم جاء الملك الشاب توت عنخ آمون (رجدى) الذي تمسك بدين سيدنا يوسف لمدة ثلاث سنوات وارتد عقب موت سيدنا يوسف، بسبب تأثير الكهنة عليه وكراهيتهم لدين سيدنا يوسف. ومعروف أن رسالة الأنبياء عامة التوحيد والتوحيد يساوى بين البشر بعضهم البعض لذلك كان هدف الكهنة الأول إعادة الشعب إلى عبادة آلهة متعددة لمصالحهم الشخصية وفرض نفوذهم على الشعب ولكي نعرف الملك الذي كان يحكم مصر فترة نزول سيدنا إبراهيم لمصر لابد أن نحسب بالعقل والمنطق الفترة الزمنية بين خروج سيدنا إبراهيم من مصر ووقوف سيدنا يوسف أمام ملك مصر نجد أن الملك تحتمس الثاني (راجن) وزوجته (رو) لذي آمنا بسيدنا إبراهيم. الملك تحتمس الثاني (راجن) حكم حسب رواية مانيتون (20 سنه) ولكن دارسى، وبرستد، وكورت زيتية الألماني، وإدجرتون قالوا أنه حكم خمس سنوات. وسواء هذا أو ذاك فقد زار سيدنا إبراهيم مصر في الأيام الأخيرة من حياته. وحتشبسوت (رو) حكمت 21 سنة وتحتمس الثالث (ربج) حكم (54 سنه) و أمنحتب الثاني (راجد) حكم (25 سنة) وتحتمس الرابع (ربجد) حكم (14 سنه) وأمنحتب الثالث (رى) حكم (37 سنه) وأمنحتب الرابع إخناتون (رجا دربن) حكم (21 سنه) وفسر سيدنا يوسف الرؤيا له العام في الرابع من حكمه تقريبا ، و توت عنخ أمون (رجدى) حكم (11 سنه) وبجمع هذه السنين نجد أن الفترة الزمنية بين نزول سيدنا إبراهيم أرض مصر وزواجه من السيدة هاجر ورؤيا رجا دربن وتفسير سيدنا يوسف لهذه الرؤيا سيكون المجموع (21 + 54 + 25 + 14 + 37 + 4 = 155 سنة) كما حسبنا سابقاً في التوراة على وجه التقريب. وبهذه الحساب تطابق القرآن الكريم والتوراة مع التاريخ عن طريق ترجمة مانيتون لليونانية، وترجمة اليونانية في عصر المأمون إلى العربية وترجمة الخط المسماري خط الحيثيين لأنه أيضا ترجم إلى العربية فكان متعارف عليه في فترة المأمون.
عن طريق تقنية كربون 14، نجد الفترة الزمنية موحدة بينهم تقريبا .وظروف الملك (راجن بترجمة طارق) تحتمس الثاني بترجمة شامبليون الذي زار سيدنا إبراهيم مصر في أخر حياته كان ضعيف الصحة كما تركت لنا أثاره وكانت الملكة حتشبسوت ذات شكيمة عليه .وسنلاحظ أن هذه الملكة حتشبسوت(رو) هي التي آمنت معه بسيدنا إبراهيم هي أشهر ملكات مصر. امتاز عصرها باستقرار الأمن والسلام في الداخل والخارج ، في ظل جيش قوى ساهر ، كما تميز عهدها بالبناء والنهوض بالفنون والتجارة ، اتجهت سياسة مصر في عهدها نحو قارة أفريقيا، فأرسلت بعثة تجارية إلى بلاد بونت (الصومال الحالية) ورحلتها التجارية إلى بلاد بونت كانت في العام التاسع من حكمها فأرسلت بعثة تجارية إلى بلاد بونت مكونة من عدة سفن شراعية عبرت البحر الأحمر حتى وصلت بونت، ثم عادت محملة بكميات كبيرة من الذهب والبخور والعطور والأبنوس والعاج والجلود وبعض الحيوانات، وصورت أخبار تلك البعثة على جدران معبدها بـالدير البحري قرب طيبة، وكانت على خلاف ديني مستمر مع زوجها تحتمس الثالث (ربج) والذي هو ابن زوجها السابق في ذات الوقت وكان سبب الخلاف كما حدث فيما بعد مع توت عنخ امون (رجدى) وقوف الكهنة ضد التوحيد لمصالح شخصية خوفا على مناصبهم .وقد ذكرت لنا المصادر الدينية عن السيدة هاجر أنها كانت بنت ملك طيبة، ومصادر أخرى ذكرت أنها من رعية ملك مصر في الوقت الذي زار فيه سيدنا إبراهيم مصر .ومهما يكن من أمر فكانت علاقتها بالملكة رو قوية لأن المفروض بعد إيمان الملك والملكة بسيدنا إبراهيم لابد أن تكون السيدة هاجر شئ عظيم بالنسبة للملك والملكة. وخلاف الملكة رو الديني مع ربج يدل على أنها قد آمنت بسيدنا إبراهيم هي وزوجها الأول الملك راجن وإلا لماذا نشبت الحرب بينها وبين الكهنة. وسيدنا إبراهيم بعد خروجه من مصر وتوجهه إلى أرض كنعان فلسطين ثم مكة ترك السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل هناك. وزارت الملكة رو السيدة هاجرَ في مكة أثناء زيارتها الشهيرة إلى بلاد بونت. وهذا يزيدنا تأكيد أن الملك رجا دربن هو ملك مصر فى فترة سيدنا يوسف لأن الأحداث متطابقة مع بعضها تماماٌ).
أخناتونُ كان رجلا حكيماً عادلا صادقا متواضعا محبا لشعبه. بعد صداقته مع سيدنا يوسف وجعله وزيرا له، صحّحَ عقيدة وديانة قدماء المصريين إلي التوحيد والعدل بدلا من الشرك والكفر والإستعباد. لكن كان الصراعُ كبيرا بينه وبين كهنة آمونْ وشركياتهم ودجلهم. مثلا، كان فى الهيكل العظيم بالكرنك طائفة كبيرة من النساء يتخذن سراري لآمون في الظاهر، وليستمتع بهن الكهنة في الحقيقة. قال عنهم اخناتون: إن أقوال الكهنة لأشد إثماً من كل ما سمعت. كان الإبن الرابع للملك أمنحوتب الثالث. وأمه الملكة تى أو طاى. هو عاشر فراعنة الأسرة الثامنة عشر. يقسم المؤرخون حكام الفراعنة الى ثلاثة أقسام، الدولة القديمة والوسطي والحديثة. إخناتون أحد أشهر حكام الدولة الحديثة وهم أحمس، حتشپسوت، تحتمس الثالث، أمنحوتپ الثالث، إخناتون، توت عنخ أمون، رمسيس الثاني، رمسيس الثالث. حارب وصارع نفاق الكهنة وسطوتهم وحبهم للمال وتفسير الدين حسب أهوائهم. كان لا بد من أن ينتهي الصراع بنهاية اخناتون ومن معه أو الكهنة ومن معهم. حكم لمدة 17 سنة، أربعة منها بديانته وإسمه القديمين. بعد حوالي ثلاثة عشر عاما من حكمه وحكمته توفي عام 1336 قبل الميلاد عادت حليمة إلى عادتها القديمة، من أتون الى أمون. وبكلمة أمون نتذكر رمسيس الثاني لعنه الله ونورد ما كتبه أنيس منصور (فقد أرسلت مومياء رمسيس الثاني إلى باريس، واستقبلوها سنة 1981 استقبال الملوك فأطلقوا المدافع تحية للملك ووضعوا له البساط الأحمر، إنها مومياء ملك، وقد سافر مع المومياء صديقي الطبيب الفرنسي العالمي الدكتور موريس بوكاي، وقد رسموا التابوت من جميع الجهات وبكل أنواع الأشعة، وقطعوا من لحمه وحللوا ورصدوا، وتأكد لهم أن الملك رمسيس الثاني يكاد يكون هو الفرعون الذي طارد موسى عليه السلام إلى سيناء، ولكن لا توجد أدلة كافية لهذه النظرية. فلا نجد في التوراة أن الملك الفرعوني قد غرق أو حتى نجا، وجاء في التوراة: فرجع الماء وغطت مركبات وفرسان جمع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر، ولم يبق منهم ولا واحد. ولكن عندما قرأ موريس بوكاي القرآن الكريم وجد هذه الآية التي أذهلته. يقول القرآن الكريم: فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وان كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون. بعد أن قرأ بوكاي هذه الآية أسلم ثم أصدر كتاباً رائعاً عنوانه (القرآن والتوراة والإنجيل والعلم)، طبع منه الملايين ونفدت كلها). إخناتون كان شاعرا بوصف المؤرخ الإمريكي ديورانت. أو صاحب إبتهالات بوصف آخرين.