هناك معلومات ضرورية يجب أن يلم بها الطبيب قبل أن يصف العلاج لمريض، منها أن يعرف نوع الأدوية الأخرى التي يتناولها مريضه لدواعي مختلفة، وسبب ذلك أنه قد تحدث تفاعلات بين العقاقير المختلفة التي يتناولها المريض عند تعاطيها متزامنة. وقد يؤدي تناول أدوية مختلفة التأثير في وقت واحد إلى حدوث مضاعفات، قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة.
ويبدأ هذا التفاعل بين عقارين فور خلط بعضهما ببعض، فعلى سبيل المثال، إذا خلط محلول يحتوى على الكورتيزون مع آخر يحتوى على الهيبارين، فإن كلا منهما يُضعف فاعلية الآخر مباشرة. ولذا، لا ينصح بتعاطيهما معاً في حقنة واحدة. كذا تضعف مادة فوسفات الكالسيوم من فاعلية المضاد الحيوي المسمى بالتتراسيكلين؛ حيث تكون معه مركباً معقداً، لا تستطيع الأمعاء امتصاصه.
وتوجد بعض الأمثلة للتنافر الدوائي المشهورة لدى الأطباء، نظراً لما سببته من مضاعفات خطيرة، بعضها أودى بحياة المرضى. ومن هذه الأمثلة، ما يلي:
أ)
يعمل دواء البروبانثيلين على إبطاء حركة الأمعاء، ومن ثم فإنه يسبب إبطاءً في امتصاص الأدوية الأخرى التي يأخذها المريض، في وقت تعاطي البروبانثيلين.
ب)
تحد أملاح الحديد، التي تؤخذ في حالات فقر الدم، من امتصاص بعض المضادات الحيوية، مثل: التتراسيكلين. ولذا، وجب أن يؤخذا غير متزامنين.
ج)
يؤدي تناول دواء كولي سيتارامين إلى تكوين مركب معقد مع الأحماض المرارية في الأمعاء مما يتسبب في:
إعاقة امتصاص الفيتامينات التي تذوب في الدهون، مثل فيتامينات(A),(D),(K),(E).
يمنع امتصاص الأدوية المانعة لتخثر الدم، التي تعطى للإنسان عند حدوث انسداد شرايينه التاجية المغذية لعضلة القلب.
يمنع امتصاص مستحضرات الديجيتاليا الهامة، في علاج ضعف عضلة القلب.
د)
تتنافس بعض الأدوية فيما بينها، على الاتحاد ببروتينات الدم. ويخضع ذلك الاتحاد لقوانين خاصة، تحدد مقدار الدواء الملتصق، ومقدار ما ينطلق منه حراً. وهذا الأخير هو المسؤول عن الفاعلية الدوائية، وما يحدث من آثار جانبية ضارة، بسبب زيادته في الدم عن حد معين.
فعلى سبيل المثال، إذا أخذ دواء الكورتيزون والتولبيوتاميد، في وقت واحد، فإن الكورتيزون يسبب تحرر مادة التولبيوتاميد، الكامنة باتحادها مع بروتينات الدم، التي تقوم بدورها، بخفض نسبة الجلوكوز في دم المريض، إلى درجة خطيرة وقاتلة .
أما إذا أخذ الكورتيزون مع عقار الورفرين، فإن ذلك يتسبب في حدوث نزيف داخلي، يودي بحياة المريض.
هـ)
وقد تؤثر بعض التفاعلات الدوائية، على عملية نزع سمية الدواء، والتخلص منه، بإخراجه من الجسم. فمثلاً يؤدي التعاطي المستمر لدواء الباربيتيورات، إلى كساح، ولين في العظام؛ حيث يحث الباربيتيورات الجسم على تكسير فيتامين (D) والتخلص منه.
و)
ومن المعلوم أن الأدوية المدرة للبول، تزيد من إخراج الأدوية في البول، فضلاً عن زيادة إخراج الأيونات المعدنية، التي يحتاجها الجسم. ومن هذه الأمثلة، نقص البوتاسيوم الحاد، الذي ينشأ من الاستخدام المستمر للأدوية المدرة للبول. وإذا كان تناول مدرات البول مقترناً بتناول الديجيتاليس، المعالج لهبوط عضلة القلب، أدى ذلك إلى عواقب وخيمة، تصل إلى الوفاة.
غير أن هناك أدوية يعضد تعاطيها متزامنة من تأثير كل واحد على حدة، حيث تنتج هذه التفاعلات خليطاً مطلوباً لإحداث الأثر العلاجي.
وفي هذا السياق، تقوم بعض المضادات الحيوية، بالقضاء على الجراثيم، التي تسبب ارتفاعاً في درجة حرارة الجسم. فإذا ما تناولها المريض مع الأسبرين، فإن الأسبرين يساعد على خفض درجة حرارة الجسم، حتى تقضي المضادات الحيوية على الجراثيم نهائياً. كما يتحسن شعور المريض، لأن الأسبرين يخفف من الآلام والحمى في وقت واحد. ولما كانت المضادات الحيوية تقتل بكتيريا الأمعاء، التي تمد الجسم بمعظم احتياجه من فتيامين (B)، فإن إضافة هذا الفيتامين إلى مجموعة الأدوية التي يتناولها المريض تقوم بإزالة الأثر الجانبي لتناول المضادات الحيوية.
ومن هذا المنطلق، يصير سلوكاً ضاراً أن يضيف المريض دواءً، أو يستغني عن آخر، من دون الرجوع إلى الطبيب.
تأثير تعاطي الدواء على نتائج الاختبارات المعملية
تؤثر عديد من الأدوية على نتائج التحاليل الطبية، ولذا ينبغي على المريض ذكر الأدوية التي يتناولها بدقة، وأن يتبع إرشادات الطبيب بالإقلاع عن تناول بعضها، قبل أخذ العينات لتحليلها.
فمثلاً، يؤثر الكورتيزون، وأدوية منع الحمل، على نسبة الجلوكوز في الدم، وعدد الصفائح الدموية. لذا، ينبغي إيقاف الدواء، قبل إجراء التحليل للكشف عن نسبة الجلوكوز أو عدد الصفائح، بفترة كافية.
تأثير الدواء على أمراض متعددة
وإذا كان للدواء أثر شافٍ بإذن الله، على معظم الأمراض، فإنه يجب معرفة أثر الدواء الموصوف لمرض معين على مرض آخر يعاني منه المريض. فمثلاً، إذا كان هناك مريض يعاني من مرض الربو، وفي الوقت ذاته، يشكو من اختلال في القلب، فلابد من انتقاء الدواء الملائم لهذه الحالة، من بين مجموعة من الأدوية المتوفرة لعلاج الربو. فمثلاً، دواء الفنتولين يوسع الحويصلات الهوائية في رئات مرضى الربو، من دون أن يؤثر على القلب، ولذا فهو دواء مناسب، في مثل هذه الحالة.
وقد يسبب دواء مثل الهيبارين، المانع لتخثر الدم، ارتفاعاً خطيراً في مستوى السكر، في دم مريض السكر، كذلك يمكن أن يتسبب في أنزفة داخلية.
كذا يحظر استخدام عقار البروبرانولول المستخدم لعلاج اضطراب دقات القلب مع مرضى السكر.
تفاعلات الدواء مع الغذاء
لوحظ أن لبعض المواد الغذائية تأثيراً كبيراً على فاعلية عديد من الأدوية. فمثلاً لوحظ أن شرب اللبن يضعف من فاعلية أدوية الروماتيزم، والتهاب المفاصل. وذلك لما يحتويه اللبن من عناصر معدنية، مثل: الكالسيوم، والماغنسيوم.
كما يُمنع الذين يعالجون من الفطريات، من تناول الأغذية الدسمة؛ إذ إن العقاقير المضادة للفطريات، تتفاعل مع الدهون، مكونة مواد أخرى، تحدث خللاً في وظائف المخ والكلية والكبد.
.