عندما أمتطي صهوة قلمي و أسير به نحو ذلك المكان الذي اعتدت نثر ما بداخلي عنده
و عندما أتحسس الطريق و الرصيف و الأشجار فيخيل إلي أنها معي على الموعد تنتظر
و عندما تألفني الأحجار و الصخور والأمطار فتشعرني بقيمتي بينها و أننا نتبادل الحب بالحب و الحزن بالمداواة و الجروح بالصبر والتحمل
و عندما يداعب مد البحر و جزرهـ أطراف أقدامي حاملاً مع صوته الهادئ الشفاف أسمى معاني الدعم والمواساة و المباركة
و عندما أرى البحر يحتضن شفق الشمس بأسى الفراق و لذة الإشتياق
و تتضامن مع البحر طيور النورس فتكف عن التحليق عندها يخيل إلي أن هذه الأحداث هي فصل في مسرحية قد انتهى ولن يعود إلا في اليوم التالي
فيأخذني التفكير و التأمل فأمكث بين من تعودتـ المكوث معهم أتابع ماذا بعد ذلك
هل فعلا أن روعة النهار و وقت الظهيرة و سحر جمال وقت العصر هو كل شيئ ؟؟
أنتظر الإجابة ليس من البشر !!
إنما من هذا الصخر و ذلكم الحجر و الشجر
و عندما أظلم الكون ترائة لي روعة النظر
و تلألأت النجوم على مشهد البشر
و أشرق القمر يضيئ سطح ذلك البحر
تلاشت حرارة الشمس و انبعث الدفء و الهدوء يلامس أوردة المتعنين القابعين تحت هفهفة الشجر
نغمات تعزف بعضها بعضا و ألحان تعزف روعة المقام و أنشودة السفر
عندما يخيل للجميع و الجميع يصنف هذه المخلوقات أنها مخلوقات صماء فهنا أجزم أن العقل البشري لم يرتقِ لما خلق له حتى الآن
عندما يلهم البحر ذلك الشاعر فيشدو بأروع القصائدهل فعلا أن هذا البحر صامت ؟
و عندما يبرهن المطر روعة العطاء و أنه لا يفرق بين هذا وذاك و أنه عندما يعطي يعطي الجميع دون أن يحمل
ذرة حقد لعبد لم يرفع يديه لربه تضرعا يطلبه رحمته بنزوله و هطوله !!هل هو صامت ؟؟
وعندما
تموت الأشجار شامخة واقفة باسقة لها عنفوان النخيل و عطاء الظل الصامد و
عندما تتهتك أطرافها لكي تمنح أناساً الدفء و الطعام !! هل هي صامته ؟
وعندما لا نعطي هذا الرمل شيئاً من الأهمية إلا عند موتنا نطلبه صدر الإحتضان و المبيت !! هل كان صامتاً ؟؟
و عندما يسحقني الحنين إلى هذا المكان بين من تعودتـ إمتطاء قلمي نحوهم و لا أستطيع فراقه والبعد عنه هل أنعته بالصمت ؟؟
عندما تدرك حقيقة الأمور من حولك تختلف نظرتك للأشياء فيضحي موضوعي هذا نقطة عبور نحو مفهوم جديد من الإدراك
إنها أشياء تنطق بالحكمة و إن تجهمنا عليها باللامبالاة فإنها تستمر بالعطاء
ليس لأننا نجبرها على العطاء كراهية بل لأنها تكمل مسيرة هدفها في هذه الحياة
ولا تكترث لذلك النعت الظالم
أشياء لا تكتمل الروعة إلا بها ولا تستمر الحياة إلا بعبيرها الأخاذ
فـ هل للصمت هنا مكان ؟
ليس من الضروري أن تخاطب بشراً حتى تدرك أن هناك من يسمعك
فقط أعطي هذه الروعة حقها فهي تسمع و تدرك و تحس
و إن أصريت على نعتها بالصمت فاعلم أنها تنعتك بالأحمق الذي و إن طالت به الحياة لن يدرك
شيئاً