[b]مايكروسوفت" تحول الكومبيوتر الحالي.. إلى مساعد شخصي
يتلقى الأوامر بالصوت واللمس ويتجاوب مع حركة العيون.. ويتذكر شكلك وقوامك
ماذا ستفعل بكومبيوتر «بي سي» أكثر قوة بنحو من 50 إلى 100 ضعف من الجهاز الذي بين يديك الآن؟ قد لا تستطيع التفكير بالكثير؟ لكن كريغ موندي كبير الباحثين والعمليات الاستراتيجية في «مايكروسوفت» بإمكانه ذلك حتما. فقد عين هذا الشخص البعيد النظر ليشغل منصب مؤسس الشركة لبيل غيتس الذي تقاعد منذ فترة، وليخطط لرؤيتها المستقبلية. من هنا فقد أخذ على عاتقه تحويل أجهزة الكومبيوتر الحالية من مكتبية، أو لابتوب، إلى أدوات مستقبلية تتجاوب مع حركة العيون والصوت واللمس. ويقول موندي «إن جهازنا الكومبيوتري الحالي هو ما يماثل المطرقة». فخلال خمس إلى عشر سنوات من الآن، سيتطور هذا الجهاز إلى مساعد شخصي له حدسه الخاص، وسيستجيب إلى إيماءاتك ويتوقع احتياجاتك «لأننا سنبدأ نرى الكومبيوتر، لا كأداة فحسب، بل كشريك لنا أيضا».
* قفزة تقنية
* ومثل هذه القفزة التقنية الكبيرة هي قيد التنفيذ حاليا. وقلب الكومبيوتر هو عبارة عن شريحة سيليكونية تدعى «وحدة المعالجة المركزية» cpu التي ما تزال تتطور إلى أسرع وأسرع كل 18 شهرا، منذ أواسط الثمانينات في القرن الماضي. لكن يبدو أن هذه الوحدة بلغت حدها الطبيعي، ولم يعد بإمكانها أن تصبح أسرع، من دون استخدام المزيد من الطاقة. لكن شريحة أخرى تدعى «وحدة المعالجة الغرافية» gpu فتحت آفاقا جديدة، التي يشار إليها عادة بـ«بطاقة الغرافيكس» التي تتيح لك عرض الألعاب المدهشة، والصور الملونة ذات الجودة العالية، والفيديوهات. ونظرا إلى تركيبها الهندسي المكون من مئات محركات المعالجة، فإن بطاقة واحدة من هذا النوع يمكنها معالجة معلومات وبيانات تفوق قدرة 800 وحدة cpu في بعض المهام والأعمال المعينة، كما يقول رجاء قدوري كبير الخبراء التقنيين في مجموعة منتجات الغرافيكس في شركة «أي إم دي» الصانعة للشرائح الالكترونية.
وكان المطورون قد شرعوا في تطبيق بعض هذه القدرات على أعمال غير عمليات الغرافيكس (الرسوم والمخططات البيانية). فـgpu تستخدم مثلا الآن للإسراع في تغيير الأنماط التي تتطلبها عمليات نقل الفيديو من جهاز التصوير والتسجيل «كامكوردر» إلى برنامج تحريرها على جهاز «بي سي» مثلا. ومع ذلك يبقى هناك فائض كبير من هذه الإمكانيات في gpu. ولغرض الاستفادة من ذلك، يتوجب على مطوري البرمجيات إعادة التفكير في كيفية إنتاج التطبيقات. «وعلى صعيد الأجهزة والعتاد، فنحن نسعى إلى تجهيز مثل هذه القدرة الكبيرة» كما يقول قدوري الذي أضاف: «ولكن لاستغلال هذه المزية لا بد من حصول تغيير جذري كبير في البرمجيات، وعلى «مايكروسوفت» تقع مهمة ذلك، والقيام بدور أساسي في هذه المعادلة». وموندي يدرك ذلك جيدا، وكذلك بيل غيتس. وكانت «مايكروسوفت» قد قامت بضخ 36 مليار دولار منذ 2004 للقيام بالأبحاث الأولية في هذا الشأن للاستثمار لجعل جهاز «بي سي» سيد الأعمال الكومبيوترية. «فالأجهزة المكتبية منه ستكون في صلب هذا التطور الكبير، أو الثورة العارمة المقبلة» كما يتوقع موندي.
وعلى «مايكروسوفت» أن تنفذ، أو تقع في مستنقع الأخطار والمجازفات. «فمن دون إحراز أي قفزة للأمام، فإن جهاز «بي سي» سيتجه احتمالا إلى حالة تشبه حالة جهاز تحميص الخبز.. ويكون صالحا لبعض الأمور، ولكنه محدود في الأمور الأخرى» حسب شارلز كينغ كبير المحللين في «بوند-آي تي ريسيرتش» للأبحاث. وكان موندي قد شق طريقا جريئا. فأحد الأبحاث تمكن من تحويل البيانات والمعطيات القادمة من أرشيف المرصد الفضائي «هابل» إلى صور مرئية معروضة على سقف وجدران غرفة ذات قبة. وعن طريق استخدام اليد والأوامر الصوتية سيكون بمقدور المستخدم تكبير الرسوم والصور ليرى من الطرف البعيد لكوكب زحل حتى أطراف الكون البعيد.
* مساعد شخصي
* وكان غيتس قد طرح في العام الماضي شيئا مشابها، ألا وهو جهاز لوحي يرتكز على المكتب مجهز بسطح شفاف متفاعل يمكنه التعرف على الهواتف الجوالة، والكاميرات الرقمية، والأجسام الأخرى. ويعمل باحثو «مايكروسوفت» على تطوير تقنيتهم هذه لكي تحول في يوم ما أي جدار في أي غرفة إلى سطح للعرض الذي يتفاعل مع الأوامر الصوتية واللمسية.
وثمة مشروع آخر يولد رمزا لا جسم له (افتراضيا) على شاشة جهاز «بي سي» الذي يجري حديثا واتصالا بنظرات العيون مع أي شخص يقترب منه. وحاليا يمكن لهذا «المساعد الشخصي» أن يحفظ قوامك وحالتك ووضعك وملابسك، في الوقت الذي يتلقى الرسائل، ويوجه أسئلة عادية ليست ذات بال، ويرتب بعض مواعيدك. ولكن مع وجود أجهزة «بي سي» قوية يمكن تحليل عاداتك الخاصة، وإدارة بريدك الالكتروني. ويرى موندي اليوم الذي يجري فيه وضع رموز افتراضية للعاملين في الرعاية الصحية في الأماكن المعدمة، الذين يقومون بتقديم النصائح والإرشادات والتدريبات الصحية، وبكلفة ثمن كومبيوتر شخصي، سيمكن الحصول على مساعد طبي روبوتي مخصص للقرى البعيدة الفقيرة في أي مكان من العالم. وتقوم «مايكروسوفت» أيضا بتطوير منظومات كومبيوترية مبسطة متدنية الكلفة لأغراض تثقيف الخمسة مليارات من سكان العالم على ما تسميه «نظام ويندوز البيئي». وفي الوقت الذي يجري فيه السعي لتحقيق مثل هذه الأهداف، يتوجب على «مايكروسوفت» عملاقة صناعة البرمجيات، البقاء منافسا قويا في أسواق اليوم الحامية الخاصة بأجهزة «نيتبوك»، والأجهزة الجوالة والخدمات التي يجري تسليمها عبر الانترنت مثل العمليات الكومبيوترية الحسابية. كما يتوجب عليها الاستمرار في دعم «ويندوز» ونظامها لتشغيل الكومبيوتر الذي هو سفينة القيادة لسائر منتجاتها. وأحدث نسخة منه هو «فيستا» الذي أثبت عدم شعبيته مع مستخدمي الشركات.
«المهم هو وضع رؤية كاملة شاملة حول المستقبل»، كما يقول مايكل شيري المحلل في «دايريكشنس أون مايكروسوفت» المتخصصة في الأبحاث. و«لكن لنكون واقعيين فإن المنظومات والأجهزة التي نملكها اليوم بحاجة إلى الكثير من العمل والتطوير» على حد رأيه.
المصدر: الشرق الأوسط
[/b]