المولد النبوي في تونس
رغم تغير العادات، و دخول تقاليد جديدة على المجتمع التونسي، مازالت الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف،و التي تصادف يوم الجمعةالقادم ، تحتل مكانة متميزة في حياة التونسيين. العائلة التونسية،تستعد لهذه المناسبة قبل أيام، و تخصص لها موازنة خاصة، مثلها مثل بقية الأعياد الدينية. و تتميز الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، بطهي "العصيدة" التي تحضر بعجينة فاكهة "الزقوقو"، أو حب الصنوبر الحلبي.
[b]العصيدة، طقوس، و رموز:
و تنتشر هذه الأيام في الأسواق التونسية، فاكهة "الزقوقو" التي يتهافت على شرائها التونسيين. و يكاد يقتصر استغلالها على خلال المولد النبوي الشريف.
عصيدة زقوقو مصنعة
كان لطهي عصيدة الزقوقو، طقوسا خاصة. فيغسل "الزقوقو" بعناية، ثم يغربل، و تزال عنه كل الأجسام الدخيلة بعناية و دقة، ثم يرحى، و يصبح عجينة صالحة للطهي.
ليلة المولد النبوي الشريف، تجتمع العائلة، و يقوم أكبرها سنا أو امهرها في الطبخ، بتحضير العصيدة. لأن القيام بذلك يتطلب دراية متقدمة بقواعد الطبخ، فضلا عن طول نفس. و تسهر العائلة، على إيقاعات تخليط العصيدة في القدر، و على قصص دينية، بعضها يلامس التاريخ و الآخر الخيال و الوجدان.
و مع خيوط الفجر الأولى، و بعد تبريد العصيدة، توضع الكريمة فوقها، و تزخرف بالفواكه الجافة و الحلوى و كأنها لوحة زيتية. و تختلف طريقة الزينة و مكوناتها من جهة إلى أخرى. و تعكس طريقة الزينة، المدينة و تقاليد سكانها. كما تعكس أيضا الطبقة التي تنتمي إليها العائلة.
"و كانت العصيدة تقتصر على نوعين، شعبية متكونة من السميد و الزيت و الزبدة، و هي لا تقتصر على الفقراء، بل هناك من يعتبرها اصل العصيدة، و سنة من سنن الرسول(ص)، و الثانية و هي عصيدة الزقوقو، البعض يعتبرها بدعة، و دخيلة و لا صلة لها باحتفالات المولد النبوي الشريف. و في السنوات الأخيرة، ظهرت عصيدة متكون من فاكهة "ابو فريوة" (اللوز الأحمر المكركب )باهظة التكاليف، و هي اقرب الى "البرستيج" و التمظهر الاجتماعي، منه إلى الاحتفال بمناسبة دينية.
و يوم المولد النبوي الشريف، تتبادل العائلات التونسية الزيارات، و أواني "العصيدة". المزخرفة بإتقان، وهو عنصر أساسي، يرمز إلى صفاء القلوب و عمق الروابط العائلية. كما يجلب الشبان الى خطيباتهم، الهدايا او "الموسم"، الذي يعتبر فرضية على كل رجل، في هذه المناسبة الدينية.
بعض المصانع، و المحلات، و المركبات التجارية، دخلت على الخط، و أصبحت تقدم، "عصيدة" جاهزة، وبعض العائلات، وجدت ضالتها في هذه "الفاست عصيدة". لكنها ، مقارنة بالتقليدية، تبقى دون نكهة، مبتورة و دون روح بعد ان غابت عنها القصص و الحكايات التي كانت تروى حول ذلك القدر.
القيروان، قطب الإحتفالات:
و تتحول مدينة القيروان، خلال "المولد" و
قِبله
[/b]، الى مزار للتونسيين، و الضيوف العرب. و تقام الندوات و اللقاءات و المسامرت الدينية. و تتزين المدينة استعدادا لاستقبال ضيوفها.
الجامع عقبة بن نافع بالقيروان
و تقع القيروان، التي قام بإنشاءها عقبة بن نافع عام
50هـ، على بُعد 156 كم إلي الجنوب من العاصمة التونسية.و تعتبر القيروان من أقدم وأهم المدن الإسلامية في منطقة المغرب العربي. ويعتبر إنشاء مدينة القيروان بداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي.
و حول مقام سيدي الصاحب، الذي ينتصب خارج اسوار المدينة، يتجمع الباعة المتجولون، مستغلين فرصة توافد الزوار على المدينة، لبيع اللعب و الحلويات. كما تروى السيرة النبوية الشريفة داخل المقام، في حين تملأ الأناشيد الدينية و مدائح الرسول(ص) لفرق المولدية، الأسواق العتيقة و تضفي على المدينة قدسية خاصة. وتتكفل العائلات الميسورة، بطهور أبناء، العائلات المعوزة..