السبع المثاني هي السبع الطوال : البقرة وآلعمران والنساء والمائدة والانعام والاعراف ويونس او الانفال والتوبة , عند من جعلها في حكم سورة واحدة
وقيل : السبع المثاني : سورة الفاتحة , وهي سبع آيات في اصح قولي العلماء من دون البسملة وقد اختار هذا القول ابن جرير وابن كثير لما رواه البخاري من قولالنبي صلى الله عليه وسلم لابي سعيد بن المعلى في فضل الفاتحة : ( هي السبع المثاني والقرآنالعظيم ) .
وما رواه البخاري ايضا من طريق ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ام القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم ) .
أسـماؤها وسـبب تسـميتها بـها:
لسورة الحمد أسماء كثيرة تتجاوز عشرين اسماً، وكل اسم منها يشير إلى جهة من الجهات المتوفرة في السورة ويُلاحظ فيه جانب من جوانبه، ومن خلال الأحاديث -سواء أحاديثنا أو أحاديث العامَّة- نستنتج أن أهم تلك الأسماء ما نقلت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي:
الأول: أم القـرآن أو أم الكتـاب
سمّيت الفاتحة بهذا الاسم لأنها تشتمل على جميع القرآن الكريم، فهي جامعة لمقاصده ومحتواه، فهي بمنزلة الرأس للقرآن، كما يقولون "أم الرأس" أو "أم القرى".ولأنَّه كالفذلكة لما فصِّل في القرآن المجيد. ولتقدمها على سائر القرآن، وتسمي العرب كل جامع أمرا أو متقدم لأمر أُمَّا، فيقولون للجِلدة التي تجمع الدماغ أمَّ الرأس وتسمي لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها أمَّا. والمتأمِّل فيها يشاهد أنَّها انعكاس للقرآن جميعاً.
الثاني: فاتـحة الكتـاب
لأنه يفتتح بكتابتها المصاحف، فهي أوّل سورة مكتوبة في المصحف، وكذلك في القراءة فتبدأ قراءة القرآن بهذه السورة. وأيضاً قراءتها في الصلاة فهي فاتحة لما يتلوها من سور القرآن.
الثالث: السّـبع
لأنها سبع آيات، حيث أنَّ البسملة آية منها كما سيأتي.
الرابع: المثـانـي
لأنَّها تثنى بها في كل صلاة فرض ونفل – بمعنى أنها تقرأ مرتين، في الركعة الأولى والركعة الثانية سواء كانت صلاة واجبة أو صلاة مستحبة (راجع تفسير التبيان للشيخ الطوسي ج1 وتفسير نور الثقلين للمحدث الحويزى قدس سره).
شـأنـها (تفسير نور الثقلين)
في كتاب ثواب الأعمال بإسناده:
((قال أبو عبد الله عليه السلام: اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب)) (ثواب الأعمال ص104)
أي الاسم مقطَّع في السورة ومقسّم بينها.
وفي كتاب الخصال:
((عن أبى عبد الله عليه السلام قال: رنَّ إبليس أربع رنات: أوَّلهنَّ يوم لُعن، وحين أَهبط إلى الأرض، وحين بُعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم على حين فترة من الرسل، وحين نزلت أمّ الكتاب)) (الخصال ص263).
((في أصول الكافي: محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عبد الله بن الفضل النوفلي، رفعه قال: ما قرأت الحمد على وجع سبعين مرة إلاّ سكن)) (الكافي ج1 ص499).
((ممحمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن سنان عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من لم يبرأه الحمد لم يبرأه شيء)) (الكافي ج2 ص626).
((عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لو قرأت الحمد على ميت سبعين مرة ثم رُدَّت فيه الروح ما كان ذلك عجباً)) (الكافي ج2 ص623).
***************************************************
تفسير لسورة الفاتحة
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
{بِسْمِ اللَّهِ} أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى
* * *
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء, وعمت كل حي, وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة, ومن عداهم فلهم نصيب منها.
* * *
{الْحَمْدُ لِلَّهِ} [هو] الثناء على الله بصفات الكمال, وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل, فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه.
* * *
{رَبِّ الْعَالَمِينَ} الرب, هو المربي جميع العالمين ـ وهم من سوى الله ـ بخلقه إياهم, وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة, فمنه تعالى.
وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين, ورزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة: تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكمله لهم, ويدفع عنهم الصوارف, والعوائق الحائلة بينهم وبينه, وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير, والعصمة عن كل شر. ولعل هذا [المعنى] هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
فدل قوله {رَبِّ الْعَالَمِينَ} على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غناه, وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار.
* * *
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى, ويثيب ويعاقب, ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات, وأضاف الملك ليوم الدين, وهو يوم القيامة, يوم يدان الناس فيه بأعمالهم, خيرها وشرها, لأن في ذلك اليوم, يظهر للخلق تمام الظهور, كمال ملكه وعدله وحكمته, وانقطاع أملاك الخلائق. حتى [إنه] يستوي في ذلك اليوم, الملوك والرعايا والعبيد والأحرار.
كلهم مذعنون لعظمته, خاضعون لعزته, منتظرون لمجازاته, راجون ثوابه, خائفون من عقابه, فلذلك خصه بالذكر, وإلا, فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام.
* * *
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة,
وقدم العبادة على الاستعانة, من باب تقديم العام على الخاص, واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.
و{العبادة} اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال الظاهرة والباطنة.
والاستعانة} هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع, ودفع المضار, مع الثقة به في تحصيل ذلك.
* * *
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أي: دلنا وأرشدنا, ووفقنا للصراط المستقيم, وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله, وإلى جنته, وهو معرفة الحق والعمل به, فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان, والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته, لضرورته إلى ذلك.
* * *
وهذا الصراط المستقيم هو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. {غَيْرِ} صراط {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. وغير صراط {الضَّالِّينَ} الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم.