(كتاب الصيام)
فرض الصيام على ثلاثة مراحل وهي:
· أول ما فرض صوم عاشوراء: دل عليها أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه أن يصوموا عاشوراء.
· ثم فرض صوم رمضان على التخيير: لقوله تَبَارَكَ وتَعَالىٰ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)﴾[البقرة:184].
· ثم فرض صوم رمضان على التعيين؛ يعني لابد من الصوم: قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة:185].
والصوم لغة الإمساك، لقوله تعالىٰ عن مريم: ﴿فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾[مريم:26]..
واصطلاحا: فهو تعبد لله تَعَالَى بالإمساك عن المفطِّرات من طلوع الفجر إلىٰ غروب الشمس.
(صوم رمضان أحد أركان الإسلام)
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُنِيَ الإسْـلامُ عَلَىٰ خَمْس: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلَهَ إِلَا الله، وَأَنَّ مُحَمَدََا عبْدُه ورسُوله، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ َرمَضَانَ))[رواه البخاري ومسلم]
(وفُرض في السنة الثانية من الهجرة ، فصام رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تسع رمضانات) إجماعا.
(ويُستحب ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان،)
( ويجب صوم رمضان برؤية هلاله)
هـٰذا الطريق محل اتفاق لا خلاف بين العلماء في أن رؤية الهلال سبيل وسبب لإثبات الشهر؛ على خلاف بينهم في أوصاف الرؤية.
(فإن لم ير مع الصحو أكملوا ثلاثين يوماً، ثم صاموا من غير خلاف)
هـٰذا الطريق في إثبات الشهر محل اتفاق.
(وإذا رأى الهلال كبّر ثلاثاً، وقال: اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضاه، ربي وربك الله، هلال خير ورشد)
هـٰذا الحديث لا يصح , له طرق كثيرة مرسلة وموصولة ولا يصح منها شيء كما ذكره أبو داود رحمه الله
(ويقبل فيه قول واحد عدل. حكاه الترمذي عن أكثر العلماء)
(ويقبل) أي يقبل في الرؤية.
(ويقبل فيه قول واحد عدل) هـٰذا يشير أنه يُثبت الشهر برؤية الواحد، ورأي الإمام مالك وجماعة من أهل العلم أنه يثبت بشهادة اثنين. أما أبو حنيفة فاثبت دخول الشهر بشهادة الواحد إن كان هناك ما يمنع الرؤية ، فإن كان الجو صحوا، فلا يثبت إلا بالعدد الذي لا يتواطأ على الكذب.
والصّواب هو القول الأول الذي ذكره المؤلف -رحمه الله- وهو أنه يقبل فيه قول واحد لحديث عبد الله بن عمر وحديث عبد الله بن عباس.
(عدل) والعدالة هي الاستقامة على الدين واستعمال المروءة.
(وإن رآه وحده ورُدَّت شهادته لزمه الصوم)
لا تخلو المسألة من حالين:
إما أن يكون منفردا عن الناس؛ كإنسان في صحراء، أو في بحر، وليس لديه بغيره اتصال لا يدري عنهم ولا يدرون عنه، فلا يجب عليه الإخبار ولا يلزمه العمل بحال الناس؛ لأنه منفصل عنهم لا يدري عنهم ولا يدرون عنه؛ فهـنا يجب عليه الصوم.
وإما أن يكون بين الناس، إن كان عدلا فيجب عليه أن يخبر بالرؤية قال: (لزمه الصوم) يجب عليه أن يصوم، ويجب على من يقبل خبره أن يصوم، وهـٰذا أحد قولي المسألة. والصواب إذا لم يقبل خبره ولم يصم الناس فلا يجب عليه الصوم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ الألباني وغيرهما.
(ولا يفطر إلا مع الناس)
من رأى هلال رمضان وحده ولم تقبل شهادته، ثم صام وصام الناس لغد وأكمل رمضان ربما صام الناس ثلاثين يوما فيكون هو يومه الحادي والثلاثين فلا يفطر بل يفطر مع الناس. أي: أنه إذا كمّل ثلاثين قبل أن يكمل الناس العدة، فهل يفطر بناء على أنه تم الشهر بالنسبة له؟ الجواب: لا.
(وإذا رأى هلال شوال لم يفطر)
يعني لو رأى هلال شوال وحده فلا يفطر إلا مع الناس خلافا للشافعي الذي قال: له أن يفطر في السر.